إختر اللغة

عن الناشر

عمار محمد حامد حواري

التخصص: عيون, امراض وجراحة العيون

المياه البيضاء أو الساد

انتشرت بين الناس تسميات خاطئة لأمراض متعددة ، و لعل من أبرزها مصطلحات تشير لبعض أمراض في العين من قبيل المياه البيضاء أو الصفراء أو الزرقاء أو السوداء… الخ أرجو أن لا يعتبر أحداً أنني أهاجم شخصياً من يردد هذه المصطلحات ناهيك عن أنني ألتمس كل العذر للناس غير الأطباء لأنهم سمعوها من الأطباء ، كما أنني ألتمس بعض العذر للأطباء الخريجين حديثاً ممن تم تعليمهم و تلقينهم عدداً من المصطلحات الخاطئة خلال دراستهم الجامعية أو خلال سنوات اختصاصهم للأسف. واجب على الطبيب أن يحقق قدراً من التوعية و التثقيف في المجتمع ، فهذا من حقوق عامة الناس عليه و إن استاء الكثير منه أو انزعجوا لقد جاء الاغريق و الفرس و الهنود و الروم قديماً على ذكر المرض بزعم أن ماءً أبيضاً يتشكل داخل العين ليمنع و يعيق الرؤية الواضحة و الابصار الطبيعي ، و قد اختلف المؤرخون فيما بينهم حول أصل التسمية بل ذهب بعضهم إلى إرجاع الأمر لخرافات الآلهة الوثنية عند الإغريق و غيرهم ، من أنها هي من تصب الماء و تصيب الشخص بهذا المرض !! ثم جاء علماؤنا المسلمون المتنورون يوم كانت أوروبا تعيش في عصور الظلام و الجهل العلمي المطلق ؛ جاء الرازي و ابن سينا و ابن النفيس و ابن الهيثم و غيرهم الكثير ممن درسوا تشريح العين و فصّلوا في هذا المرض ، و أجمعوا على أن الأمر لا يعدو كونه اعتاماً يصيب بللورة العين أو عدستها الطبيعية الشفافة ، فيسبب إعاقةً و انسداداً متزايداً أمام دخول الضوء لداخل العين ، الأمر الذي يقود في نهايته إلى عجز عن الرؤية الطبيعية و الإبصار الواضح. و أطلق مجمع اللغة العربية الطبية على هذا المرض لاحقاً اسم مرض " السّاد " هي التسمية الصحيحة فقط لهذا المرض باللغة العربية عاميةً كانت أو فصحى ، فأعيننا ليست مصنعاً للمياه الملونة : بيضاء و صفراء و زرقاء و سوداء … الخ ، فهذا عمل شركة المشروبات الغازية و العصائر الملونة و هذا من الغث و ازدراء العقول الذي يجب أن يتوقف ولأن العملية التي تعالج مرض السّاد هي أساساً استبدال عدسة العين المعتمة بأخرى جديدة صناعية شفافة بتصميم و قياس محدد يناسب حالة كل عين على حدة ، فليس هناك بعد اليوم عذراً لكل طبيب ممن يقول و يردد كلمات مثل : شفط المياه أو سحب المية !! ملاحظة ١ : إن أغلب مؤلفات علمائنا إبان الحضارة الإسلامية قد تمت سرقتها أو اتلافها أو نسبتها إلى مدّعين أوروبيين دون وجه حق ملاحظة ٢ : من الأخطاء الدارجة كذلك اطلاق تسمية المياه السوداء على مرض ارتفاع ضغط العين ! و كأن العين ظهر فيها بئر نفط !!! فأرجو إعطاء مرضانا الكرام و الذين هم أهلنا جميعاً حقهم في فهم مرضهم بشكل صحيح و دقيق مع تحياتنا و تمنياتنا بدوام الصحة و العافية