إختر اللغة

عن الناشر

مهند احمد على القضاه

التخصص: انف واذن وحنجرة, امراض وجراحة انف واذن وحنجرة

فقدان الشم

العيش مع فقدان الشم 

إن من الحقائق غير المريحة أن كثيرا من الناس لن يتمتعوا بتخفيف المعاناة التي يصعب وصفها أحيانا والتي يسـببها فقدان الرائحة. إن العلاقة بين مشــــكلة ضعف الشـــــم وجودة الحياة٬ والتي أصبحت راسخة الآن ٬ يحتاج الدعم طويل الأمد إلى معالجة مشـــاكل الغذاء والاكتئاب والعزلة التي تصاحب اضطرابات الشم ٬ والتي يمكن أن تشمل ضعف القدرة على الشـم (المعروف باسم نقص حاسة الشـم ٬ أو فقدان الشــم إذا ھناك فقدان تام) ٬ أو تشــوه الإحســـاس بالرائحة المعروف باسم باروزميا (شم روائح مختلفة عن الواقع)

 

العواقب الشخصية لفقدان الرائحة 

إن فقدان الرائحة لا يمكن وصـــــــفه لمن لم يجربه وإن ھذه الحقيقة وحدھا يمكن أن تخلق حاجزا بين المريض وطبيبه. فهي ليســـــــتً مجرد خســـارة لذة الطعام / تجربة الأكل ٬ بل فقدان للمتعة عموما. إن العالم الطبيعي ٬ والوقت من اليوم والســنة ٬ والروابط التي تنقلنا إلى ذكريات ســعيدة من الماضـــي - كل ھذه يذھب ضـــحية لفقدان الرائحة٬ وكل ھذه الجوانب مرتبطة بمشــــــاعر قوية وإيجابية. إن علاقاتنا مع العائلة والأصــدقاء يمكن أن تتعثر عندما لا تكون ردود الفعل المطمئنة لرائحة أحبائنا موجودة. بدون ھذه الأشـياء ٬ والأثر الذي يصـــــــاحبها ٬ نفتقر لذواتنا ٬ ونكون غير مرتبطين بالتجربة البشـرية العادية ومشـاعر الفرح. إن العديد من آليات التهدئة الذاتية ترتبط أي ًضا بحاسة الشـم - حتى الحضــن الدافئ المواسي - في ظل ھذا النوع من الحرمان طويل الأمد والذي يصاحب فقدان الرائحة ٬ فإن ھذه الطريقة البسيطة للمواساة ھو بعيدة المنال.

إن العيش مع فقدان الرائحة له عواقب خارجية أي ًضا. بســـــــــــبب الشـعور المتكرر بأن "لا أحد يفهم" ٬ "ينســى الناس" ٬ "يقولون لي إنني لابد أن أكون ممتنا أن الأمر ليس أسوأ" ٬ يتصــــــاعد الإحباط ً ويســتمر الاغتراب. إن الناس يتبنون استراتيجيات التصـــدي لهذا عند التعامل مع الآخرين والتي يمكن أن تشــــــــــمل التظاھر بأنهم يشــــــــــمون ٬ أو مقاومة الحاجة إلى طرحها في المحادثة. مع ھذه الأشياء يأتي الاستياء.

إن مســـــاعدة شخص ما على القبول والتكيف أمر صعب ٬ ويعتمد الكثير على النظرة الفردية للأمر. للحصــــــول على طريقة ناجحة للمضـــــــــي قدًما ٬ يجب أن يكون ھناك دعم تعاطفي من الطبيب ٬ وجلسات علاج جماعي إن أمكن. ٬ مجموعة من الأقران.وفيما يلي بعض الجوانب المفيدة للتكيف مع فقد الشم

 

استراتيجيات الغذاء 

ستكون ھناك حاجة للمســاعدة على التكيف مع طريقة جديدة لرؤية الطعام. ليكون ھذا ناجحا ٬ يجب أن يكون الفرد على استعداد ليكون فضولًيا و "مستكشفا حسًيا" في استكشاف فارق بسـيط في الملمس ٬ ً والطعم الحقيقي ٬ وتناقض درجة الحـرارة ٬ وتـركيبة الألوان علـى الطبق. بالنسـبة لأولئك الذين يعانون من باروسميا ٬ فإن الرغبة في تحديد الأطعمة المحفزة من خلال التجارب ٬ واكتشـــــاف الأطعمة "الآمنة" أي ًضا لإنشــــــــــاء نظام غذائي عملي متوازن من الناحية التغذوية أمر أسـاســي. وبما أن الباروســميا يمكن أن تتغير بمرور الوقت ٬ يجب أن تكون الاستكشــافات مســتمرة. وبمفهوم عام٬ فإن ھذا يدفع المرء ليس إلى أن يكون أكثـر ملاحظة لتجـربته فـي تناول الطعام فحسب٬ بل إلى أن يكون أكثر انفتاحا وتقبلا للطعام.

من المهم تجنب الاستخدام المفرط للملح أو السـكر ٬ ولكن من المهم تجربة النكهات الحارة أو المر أو الأومامـي (طعم "اللحم" الموجود في اللحوم أو الفطر أو المرق). إن الجمع بين الأذواق (على ســـبيل المثال ٬ استخدام الصــلصــات "الحلوة والحامضــة") قد يؤدي إلى جعل مذاق الطعام أكثر إثارة للاھتمام. يتوفر مزيد من النصائح من مجموعات دعم المرضى المدرجة أدناه.

 

السلامة الشخصية 

إن حاسة الشــم لدينا تلعب دو ًرا مهًما في الأمان. إن المرضى الذين يعانون من ضعف حاسة الشـــم ھم أكثر عرضة للإصابة بالتســـمم الغذائي والتعرض للحرائق. من الضــروري أن يكون ھناك كاشف دخان ٬ ويجب أن يتم فحصــــــــــه بانتظام ٬ ومتابعة تواريخ انتهاء الصلاحية على الأغذية.

 

طرق ايجابية لرؤية العالم 

إن العقل المنفتح الذي يســـــــــعى إلى التركيز ً بعيدا عن الحالة أمر أسـاســي للتكيف مع فقدان الرائحة مدى الحياة وھو قول أســهل من فعله. إن الخروج من الأبواب وتقدير التجارب الحســـــية للطبيعة ٬ حتى بدون رائحة ٬ له فوائد كبيرة. يبدو أي ًضا أن استيعاب الهوايات التي تركز على العقل في مكان آخر وتتطلب اســــــتخدام المهارات الحركية مفيد ًجدا. ربما يكون المدخل الحسـي لمس قطع الشـطرنج وإبر الحياكة والأعمال الخشـــبية وغيرھا مما يســـاعد في ذلك. إن التأمل واليقظة واليوغا كلها ممارســــــــات تم الإبلاغ عنها من قبل ٍ المرضى على أنها عزاء في عالم خال من الرائحة.

 

دعم الأقران 

بمجرد استنفاد التدخلات الســــــــريرية ٬ يحتاج المرضى إلى دعم أقرانهم. يمكن تقديم النصــائح حول الطرق الإيجابية لرؤية العالم ٬ على سبيل المثال ٬ قد يتم تقديم ھذه النصـائح بشـكل أفضــل من قبل أولئك الذين سلكوا ھذه الطرق وتأقلموا عليها ٬ وعانوا من الحرمان من حاسة الشـــــــــم٬ ولديهم مخزون جاھز من التعاطف الحقيقي ٬ والوقت ٬ للموقف. إن حاجة المريض ليست "فقط" أن ُيسـمع. يجب أن يســــمع ويفهم. إن دعم الأقران يمكن أن يوفر العديد من الأشياء المختلفة: مساحات آمنة للفضفضة٬ وفرصة ليستمع إليه الأشخاص الذين يتفهمون ٬ وفر ًصا لتكوين روابط مع أشـــــــخاص في أماكن ً مختلفة خلال رحلة التكيف الخاصـة بهم. يمكن أن يقطع ھذا شـوطا طويلا في مساعدة العديد من الذين يعانون من القلق المجهول عندماً يبدأون في قبول تشــخيصــهم. ھذا القلق ھو الذي يســـبب مشـــاكل منفصـــلة عن الرائحة نفســــها. إن مجموعة الأقران ھي بيئة ودية وداعمة للجلوس وإزالة الضغط.

 

تقارير المرضى عن فقدان الشم وتأثيره على حياتهم 

المريض :١

 "لم تكن ھناك مشــاكل الأنف حتى بلغت الثلاثين من عمري وبدأت أعانــي مما اعتقدت أنه نــزلات بــرد متكــررة ونوبات من التهاب الشـعب الهوائية ٬ مع صعوبات في التنفس. لم يكن الأمر كذلك حتى ذھبت أنا وزوجــي الـــراحل للعيش والعمل فـــي ھونغ كونغ ٬ وتم تشــــــخيص إصابتي بالربو والتهاب حســـــــاسية الأنف. أعطيت اختبارات وخز الجلد أظهرت حســــاسيات خفيفة لحوالي عشــــرة أشـياء (بدون أطعمة) وكلها بيئية. كان الخدش الذي ظهر أســوأ رد فعل لدي كان تجاه غبار المنزل.

لدي أيضا حســـاسية تجاه الأسبرين والأيبوبروفين. قيل لي ھذا في نهاية المطف ٬ متلازمة ثلاثي ســـــــامتر (الربو ٬ الزوائد الأنفية ٬ الحساسية من الأسبرين)

كانت حاسة الشـــــم لدي تأتي وتذھب في ھذه المرحلة. كان التهاب الأنف يميل إلى أن يكون أسوأ في الصـــــــباح وتتلاشى معه حاسة الشم. وبحلول وقت الغداء يهدأ التهاب الأنف وتعود حاسة الشم.

تمت معالجة التهاب الأنف عن طريق بخاخات الأنف ومضــــادات الهيسـتامين وفي وقت ما٬ كنت أتلقى حقنة سنوية من السـتيرويدات وقد نفعتني بشــكل رائع٬ ولكن تم إيقافها بســبب الآثار الجانبية مثل ھشاشة العظام.

في أواخر التســــعينيات ٬ تمت إحالتي إلى استشـــــاري أنف وأذن وحنجرة وأظهر الفحص أن لدي زوائد (لحميات) كبيـرة فـي الأنف والجيوب الأنفية وتم التوصـــية بإجراء عملية جراحية. بحلول ھذا الوقت ٬ اختفت حاسة الشـــــــــم لدي إلا في المرات القليلة جدا التي وصــــــــفت لي بريدنيزولون لعلاج الربو ٬ حيث كانت تعود لفترة وجيزة ثم تختفي.

أجرى أحد الأصـدقاء نفس العملية مؤخ ًرا وأفاد أنه عند خروجه من ً المسـتشـفى ٬ كان أول ما لاحظه ھو رائحة العشـب المقطوع حديثا. كنت إيجابًيا للغاية وأتطلع إلى تحقيق نتيجة مماثلة وســـــعيدة. ومع ذلك٬ فإنه لم يكن ليكون. فقد ذكر الاستشـــــــــــاري أن ھناك زوائد (لحميات) كبيرة تغطي المستقبلات الشـمية وأنه لم يزيلها خشـية أن يتم تدمير المستقبلات الشمية بالكامل. لقد شعر أنه في يوم من الأيام (وھل جاء ھذا الــيوم؟) قد يكون ھــناك بعض الأبحاث الجادة حول فقدان حاسة الشــــم والعلاج الممكن. قال إنه في ذلك الوقت لا يوجد إقبال حقيقي لإجراء بحث جاد. أعتقد أنه قال شــيئا مؤث ًرا أنه لم يكن ً "ساحرا" للغاية.

منذ ذلك الحين ٬ خضعت لعمليتين أخريين لاستئصال الزوئد الأنفية (اللحميات). في موعد متابعة بعد العملية الثانية٬ ســــــألت الطبيب النائب عما إذا كان بإمكاني استعادة حاسة الشــــم في يوم من الأيام. دون رفع رأســـه عن الكتابة ٬ أو حتى إلقاء نظرة خاطفة علي ٬ قال بفظاظة "لا ٬ قد لا تســتعيدھا ً أبدا". غادرت المكتب بشـــعور يائس جدا. كانت تلك واحدة من أسوأ اللحظات في حياتي. ركضــــــــــت الممرضــة الحاضـــرة ورائي وقالت لا يجب علي أن ألقي بالا لهذا وأن علي أن أبحث عن رأي آخر.

وخضـعت لعملية ثالثة لاستئصــال الزوئد الأنفية في يونيو .٢٠١۹ عموما ٬ لا توجد أي مساعدة أو أمل فيما يتعلق بعودة حاسة الشم.

 

المريض :٢

 "بعد أربعة أيام فقط من تناول السـتيرويدات عن طريق الفم ٬ عادت لدي حا ّستا الشــــم والتذوق كما لو كان ذلك بفعل الســـــحر. لم يكن التحســــن في حياتي ورفاھيتي أقل من مثير ٬ على الرغم من أنه لم يدم. أظهرت الكثافة الرائعة من الروائح والنكهات التي اســــتعدتها مدى قدرات حاسة الشــم لدي. يبدو لي أن ھناك شيئا ما يخفي عمليةً الشــــم. ربما سوف يكشــــف البحث يو ًما ما يحدث في حالات مثل حالتي ٬ وبالفعل سيشـير إلى كيفية معالجة الحالة. إذا وجدت نفسـي أعاني في المستقبل ٬ سأتمكن الآن من طلب وصفة طبية متكررة.

إن تجربتي ھي أن الأطباء لديهم كثيرا على لوحاتهم٬ ولا يتم إعطاء فقد الشـم ما يســتحقه من الاھتمام. إنه لا يشــكل ً تهديدا على الحياة ٬ ولكنه يقلل من جودة حياة المرء ٬ وفي بعض الحالات إلـى درجة لا يمكن تصورھا لغير من يعاني منها.”

 

الخيارات العلاجية لفقدان الشم 

ستتم تغطية خيارات العلاج المختلفة بمزيد من التفصـيل في أقســام منفصلة من ھذا الدليل ٬ ولكن نلخص ھنا تلك الخيارات ذات الصلة فيما يتعلق بفقدان الشم نتيجة التهاب الأنف والجيوب المزمن.

إن فقدان حاسة الشـــــم يعد أكثر شيوعا في التهاب الأنف والجيوب المـــزمن مع الـــزوائد الأنفية ٬ ولكن قد يحدث فــــي التهاب الأنف والجيوب المزمن بدون الزوائد الأنفية ٬ خاصــــــة في حالة التهاب النوع .٢ عادة ما يتم النظر في الخيارات التالية ؛

السـتيرويدات الأنفية الموضعية؛ قد تعطى ھذه على شكل رذاذ ٬ أوُ قد تكون أكثر فعالية فى شكل قطرات أو تضــــــــــاف إلى المحلول الملحي وتســـتخدم للشـــطف أو النقع ٬ خاصة بعد جراحة الجيوب الأنفية

إن الســتيرويدات (الكورتيزون) الفموية؛ غالًبا تحقق تحســنا كبيرا في حاسة الشم ولكن للأسف إن الفوائد غالًبا ما تكون قصـيرة الأجل ويجب أن تتبع بالستيرويدات الأنفية للحفاظ على الفائدة لأطول فترة ممكنة.

جراحة الجيوب الأنفية؛ ھذا يمكن أن يحقق تحسينات في حاسة الشم ولكن للأســـــــــــف قد لا تكون الفوائد طويلة الأمد وينبغي أن تتبع الجراحة بالســـــــتيرويدات الأنفية للحفاظ على الفائدة لأطول فترة ممكنة.

بالنســـــــبة للمرضى الذين يعانون من التهاب من النوع ٢ ٬ والذي يضـــــــــــم غالبية المرضى الذين يعانون من الزوائد الأنفية ٬ فمن المحتمل أن تقدم الأدوية البيولوجية (خاصـــــة دوبيلوماب) العلاج الأكثر فعالية من حيث استعادة حاسة الشــــــــــم ويمكن استخدامها لتحقيق تحســـــن طويل الأمد. تم ترخيصـــــها حالًيا للاستخدام في الولايات المتحدة وأوروبا على الرغم من أن الوصـــــــول إلى ھذه الأدوية سيختلف باختلاف إعدادات الرعاية الصــــحية ٬ وقد لا يتم تعويض تكلفة العلاج.

يمكن أن يكون لفقدان حاسة الشـــــــم والذوق تأثير كبير على جودة حياتك. ويكون من الصـــعب الحصــــول على الدعم وقد يكون من الصــــــعب على الأصدقاء والعائلة فهم كيفية تأثير ذلك عليك إذا لم يكونوا قد جربوه بأنفســـهم.